فصل: من أقوال المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

اعلم أنه تعالى ذكر في الآية الأولى خمسة أنواع من التكاليف، وهي أمور ظاهرة جلية لا حاجة فيها إلى الفكر والاجتهاد، ثم ذكر تعالى في هذه الآية أربعة أنواع من التكاليف، وهي أمور خفية يحتاج المرء العاقل في معرفته بمقدارها إلى التفكر، والتأمل والاجتهاد.
فالنوع الأولى: من التكاليف المذكورة في هذه الآية قوله: {وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ اليتيم إِلاَّ بالتى هي أَحْسَنُ حتى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ}.
واعلم أنه تعالى قال في سورة البقرة: {وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ اليتامى قُلْ إصلاح لهم خير} [البقرة: 220] والمعنى: ولا تقربوا مال اليتيم إلا بأن يسعى في تنميته وتحصيل الربح به ورعاية وجوه الغبطة له، ثم إن كان القيم فقيرًا محتاجًا أخذ بالمعروف، وإن كان غنيًا فاحترز عنه كان أولى فقوله: {إِلاَّ بالتى هي أَحْسَنُ} معناه كمعنى قوله: {وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بالمعروف} [النساء: 6].
وأما قوله: {حتى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} فالمعنى احفظوا ماله حتى يبلغ أشده، فإذا بلغ أشده فادفعوا إليه ماله.
وأما معنى الأشد وتفسيره: قال الليث: الأشد مبلغ الرجل الحكمة والمعرفة.
قال الفراء: الأشد.
وأحدها شد في القياس، ولم أسمع لها بواحد.
وقال أبو الهيثم: واحدة الأشد شدة كما أن واحدة الأنعم نعمة، والشدة: القوة والجلادة، والشديد الرجل القوي، وفسروا بلوغ الأشد في هذه الآية بالاحتلام بشرط أن يؤنس منه الرشد، وقد استقصينا في هذا الفصل في أول سورة النساء.
والنوع الثاني: قوله تعالى: {وَأَوْفُواْ الكيل والميزان بالقسط}
اعلم أن كل شيء بلغ تمام الكمال، فقد وفى وتم.
يقال: درهم واف، وكيل واف، وأوفيته حقه، ووفيته إذا أتممته، وأوفى الكيل إذا أتمه ولم ينقص منه شيئًا وقوله: {والميزان} أي الوزن بالميزان وقوله: {بالقسط} أي بالعدل لا بخس ولا نقصان.
فإن قيل: إيفاء الكيل والميزان، هو عين القسط، فما الفائدة في هذا التكرير؟
قلنا: أمر الله المعطي بإيفاء ذي الحق حقه من غير نقصاه، وأمر صاحب الحق بأخذ حقه من غير طلب الزيادة.
واعلم أنه لما كان يجوز أن يتوهم الإنسان أنه يجب على التحقيق وذلك صعب شديد في العدل أتبعه الله تعالى بما يزيل هذا التشديد فقال: {لاَ نُكَلّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} أي الواجب في إيفاء الكيل والوزن هذا القدر الممكن في إيفاء الكيل والوزن.
أما التحقيق فغير واجب.
قال القاضي: إذا كان تعالى قد خفف على المكلف هذا التخفيف مع أن ما هو التضييق مقدور له، فكيف يتوهم أنه تعالى يكلف الكافر الإيمان مع أنه لا قدرة له عليه؟ بل قالوا: يخلق الكفر فيه، ويريده منه، ويحكم به عليه، ويخلق فيه القدرة الموجبة لذلك الكفر، والداعية الموجبة له، ثم ينهاه عنه فهو تعالى لما لم يجوز ذلك القدر من التشديد والتضييق على العبد، وهو إيفاء الكيل والوزن على سبيل التحقيق، فكيف يجوز أن يضيف على العبد مثل هذا التضييق والتشديد؟
واعلم أنا نعارض القاضي وشيوخه في هذا الموضع بمسألة العلم ومسألة الداعي، وحينئذ ينقطع ولا يبقى لهذا الكلام رواء ولا رونق.
النوع الثالث: من التكاليف المذكورة في هذه الآية، قوله تعالى: {وَإِذَا قُلْتُمْ فاعدلوا وَلَوْ كَانَ ذَا قربى} واعلم أن هذا أيضًا من الأمور الخفية التي أوجب الله تعالى فيها أداء الأمانة، والمفسرون حملوه على أداء الشهادة فقط، والأمر والنهي فقط، قال القاضي وليس الأمر كذلك بل يدخل فيه كل ما يتصل بالقول، فيدخل فيه ما يقول المرء في الدعوة إلى الدين وتقرير الدلائل عليه بأن يذكر الدليل ملخصًا عن الحشو والزيادة بألفاظ مفهومة معتادة، قريبة من الأفهام، ويدخل فيه أن يكون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واقعًا على وجه العدل من غير زيادة في الإيذاء والإيحاش، ونقصان عن القدر الواجب، ويدخل فيه الحكايات التي يذكرها الرجل حتى لا يزيد فيها ولا ينقص عنها، ومن جملتها تبليغ الرسالات عن الناس، فإنه يجب أن يؤديها من غير زيادة ولا نقصان، ويدخل فيه حكم الحاكم بالقول، ثم إنه تعالى بين أنه يجب أن يسوي فيه بين القريب والبعيد، لأنه لما كان المقصود منه طلب رضوان الله تعالى لم يختلف ذلك بالقريب والبعيد.
والنوع الرابع: من هذه التكاليف قوله تعالى: {وَبِعَهْدِ الله أَوْفُواْ} وهذا من خفيات الأمور لأن الرجل قد يحلف مع نفسه، فيكون ذلك الحلف خفيًا، ويكون بره وحنثه أيضًا خفيًا، ولما ذكر تعالى هذه الأقسام قال: {ذلكم وصاكم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}.
فإن قيل: فما السبب في أن جعل خاتمة الآية الأولى بقوله: {لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الأنعام: 151] وخاتمة هذه الآية بقوله: {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}.
قلنا: لأن التكاليف الخمسة المذكورة في الأولى أمور ظاهرة جلية، فوجب تعقلها وتفهمها وأما التكاليف الأربعة المذكورة في هذه الآية فأمور خفية غامضة، لابد فيها من الاجتهاد والفكر حتى يقف على موضع الاعتدال، فلهذا السبب قال: {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} قرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم {تَذَكَّرُونَ} بالتخفيف والباقون {تذكرن} بتشديد الذال في كل القرآن وهما بمعنى واحد. اهـ.

.قال السمرقندي:

{وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ اليتيم} يقول: لا تأكلوا مال اليتيم ولا تباشروه {إِلاَّ بالتى هي أَحْسَنُ} يعني: إلا بالقيام عليه لإصلاح ماله {حتى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} يعني: احفظوا ماله حتى يبلغ رشده.
قال مقاتل: يعني ثماني عشرة سنة.
وقال الكلبي: الأشُدُّ ما بين ثماني عشرة إلى ثلاثين سنة.
ويقال: حتى يبلغ مبلغ الرجل.
ويقال: بلوغ الأشد ما بين ثماني عشرة إلى أربعين سنة.
ثم قال: {وَأَوْفُواْ الكيل والميزان} يعني: أتموا الكيل والميزان عند البيع والشراء {بالقسط} يعني: بالعدل {لاَ نُكَلّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} يعني: إلا جهدها في العدل يعني: إذا اجتهد الإنسان في الكيل والوزن، فلو وقعت فيه زيادة قليلة أو نقصان، فإنه لا يؤاخذ به إذا اجتهد جهده {وَإِذَا قُلْتُمْ فاعدلوا} يعني: اصدقوا وقولوا الحق {وَلَوْ كَانَ ذَا قربى} يعني وإن كان الحق على ذي قرابة، فقولوا الحق، ولا تمنعوا الحق {وَبِعَهْدِ الله أَوْفُواْ} يقول: أتموا العهود التي بينكم وبين الله.
والعهد الذي بينكم وبين الناس.
{ذلكم وصاكم بِهِ} يقول: أمركم به في الكتاب {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} يعني: تتعظون فتمتنعون عما حرم الله عليكم. اهـ.

.قال الثعلبي:

{وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ اليتيم إِلاَّ بالتي هِيَ أَحْسَنُ} يعني بما فيه صلاحه وتثميره، وقال مجاهد: هو التجارة فيه، وقال الضحاك: أموال يبتغي له فيه ولا يأخذ من ربحه شيئًا.
وقال ابن زيد: وأن يأكل بالمعروف إن افتقر، وإن استغنى لم يأكل، وقال الشعبي: مَنْ خالط مال اليتيم حتّى يفصل عليه فليخالطه، ومَنْ خالطه ليأكل منه وليدعه حتّى يبلغ أشده.
وقال يحيى بن يعمر: بلوغ الحلم، وقال الشعبي: الأشد الحلم حيث يكتب له الحسنات وعليه السيئات، وقال أبو العاليّة: حتّى يعقل ويجتمع قوّته.
وقال الكلبي: الأشد مابين ثماني عشرة إلى ثلاثين سنة. وقال السدّي: هو ثلاثون سنة ثمّ جاء بعدها حتّى بلغوا النكاح.
والأشد جمع شدّ، مثل قدّ وأقدّ، وهو استحكام قومًا لفتى وشبابه وسنه، ومنه شد النهار وهو ارتفاعه، يقال: أتيته شدّ النهار ومد النهار وقال الفضل بن محمد في شد بيت عنترة:
عهدي به شدّ النهار كأنّما ** خضب اللبان ورأسه بالعظلم

وقال آخر:
تطيف به شد النهار ضعينة ** طويلة أنقاء اليدين سحوق

وليس بلوغ الأشد ممّايدع قرب ماله بغير الأحسن وقد تمّ الكلام.
{وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ اليتيم إِلاَّ بالتي هِيَ أَحْسَنُ} على الأبد {حتى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} فادفعوا إليه ماله إن كان رشيدًا {وَأَوْفُواْ الكيل والميزان بالقسط} بالعدل {لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} أي طاقتها في إيفاء الكيل والوزن، وقال أهل المعاني: معناه: إلاّ يسعها ويحلّ لها ولا يخرج عليه ولا يضيق عنه وذلك أنّ لله تعالى من عباده أنّ كثيرًا منهم ضيق نفسه عن أن يطيّب لغيره بما لا يجب عليها له فأمر المعطي بإيفاء الحق ربّه الذي هو له ويكلّفه الزيادة لما في الزيادة عليه من ضيق نفسه بها، وأمر صاحب الحق بأخذ حقّه ولم يكلفه الرضا بأقل منه لمّا فيه في النقصان عليه من ضيق نفسه، فلم يكلّف نفسًا منهما إلاّ ما لا حرج فيه ولا يضيق عليه.
قال ابن عباس: إنكم معشر الأعاجم فقد وليتم أمرين بهما هلك من كان قبلكم المكيال والميزان {وَإِذَا قُلْتُمْ فاعدلوا} أي فاصدقوا في الحكم والشهادة {وَلَوْ كَانَ ذَا قربى} محذوف الاسم يعني ولو كان المحكوم والمشهود عليه ذا قربة {وَبِعَهْدِ الله أَوْفُواْ ذلكم وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} يتّعظون. اهـ.

.قال الماوردي:

قوله عز وجل: {وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} إنما خص مال اليتيم بالذكر وإن كان مال غيره في التحريم بمثابته، لأن الطمع فيه لقلة مراعيه أقوى، فكان بالذكر أولى.
وفي قوله: {إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} أربعة تأويلات:
أحدها: حفظ ماله عليه إلى أن يكبر ليتسلمه، قاله الكلبي.
والثاني: أن ذلك هو التجارة به، قاله مجاهد.
والثالث: هو ألا يأخذ من الربح إذا اتجر له بالمال شيئًا، قاله الضحاك.
والرابع: هو أن يأكل الولي بالمعروف من ماله إن افتقر، ويترك إن استغنى، ولا يتعدى من الأكل إلى الباس ولا غيره، قاله ابن زيد.
ويحتمل خامسًا: أن التي هي أحسن: حفظ أصوله وتثمير فروعه.
ثم قال: {حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} والأشُد القوة والشباب.
وفي حدها ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنه الحلم حين تكتب له الحسنات وعليه السيئات، قاله ربيعة، وزيد بن أسلم، ومالك.
والثاني: أن الأَشُد ثلاثون سنة، قاله السدي.
والثالث: أن الأشد ثماني عشرة سنة، ذكره علي بن عيسى وفيه وجوه أُخَر نذكرها من بعد.
ثم قال تعالى: {وَأَوْفُواْ الْكَيلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ} يعني بالعدل، أمر في مال البائع من تأدية بمثل ما أُمِر به في مال اليتيم.
ثم قال: {لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} يعني أنه لما كان العدل في الوزن والكيل مستحقًا، وكان تحديد أقل القليل متعذرًا، كان ذلك عفوًا، لأنه لا يدخل في الوسع فلم يكلفه.
ثم قال: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} يحتمل ثلاثة أوجه:
أحدها: إذا حكمتم فأنصفوا.
الثاني: إذا شهدتم فاصدقوا.
الثالث: إذا توسطتم فلا تميلوا.
ثمَ قال: {وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُواْ} فيه قولان:
أحدهما: أن عهد الله كل ما أوجبه الإنسان على نفسه من نذر وغيره.
الثاني: أنه الحلف بالله أن يلزم الوفاء به إلا في معصية.
{ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ} فيه وجهان:
أحدهما: أنه راجع إلى الذين هادوا وما أوصاهم به في التوراة.
والثاني: أنه راجع إلى المسلمين وما وصاهم به في القرآن. اهـ.

.قال ابن عطية:

{وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} هذا نهي عن القرب الذي يعم وجوه التصرف، وفيه سد الذريعة، ثم استثنى مايحسن وهو التثمير والسعي في نمائه، قال مجاهد: {التي هي أحسن} التجارة فيه ممن كان من الناظرين له مال يعيش به، فالأحسن إذا ثمر مال يتيم أن لا يأخذ منه نفقة ولا أجرة ولا غيرها من كان من الناظرين لا مال له ولا يتفق له نظر إلا بأن ينفق على نفسه من ربح نظره وإلا دعته الضرورة إلى ترك مال اليتيم دون نظر فالأحسن أن ينظر ويأكل بالمعروف، قاله ابن زيد، والأشد جمع شد وجمع شدة، وهو هنا الحزم والنظر في الأمور وحسن التصرف فيها.
قال القاضي أبو محمد رضي الله عنه: وليس هذا بالأشد المقرون ببلوغ الأربعين، بل هذا يكون مع صغر السن في ناس كثير وتلك الأشد هي التجارب والعقل المحنك، ولكن قد خلطهما المفسرون، وقال ربيعة والشعبي ومالك فيما روي عنه وأبو حنيفة، بلوغ الأشد البلوغ مع أن لا يثبت سفه، وقال السدي: الأشد ثلاثون سنة، وقالت فرقة ثلاثة وثلاثون سنة، وحكى الزجاج عن فرقة ثمانية عشر سنة، وضعّفه ورجح البلوغ مع الرشد وحكى النقاش أن الأشد هنا من خمسة عشر إلى ثلاثين، والفقه ما رجح الزجّاج، وهو قول مالك رحمه الله الرشد وزوال السفه مع البلوغ.
قال القاضي أبو محمد رضي الله عنه: وهذا أصح الأقوال وأليقها بهذا الموضع، وقوله تعالى: {وأوفوا الكيل والميزان} الآية أمر بالاعتدال في الأخذ والإعطاء، والقسط بالعدل، وقوله: {لا نكلف نفسًا إلا وسعها} يقتضي أن هذه الأوامر إنما هي فيما يقع تحت قدرة البشر من التحفظ والتحرز لا أنه مطالب بغاية العدل في نفس الشيء المتصرف فيه، قال الطبري: لما كان الذي يعطي ناقصًا يتكلف في ذلك مشقة، وقوله: {وإذا قلتم فاعدلوا} يتضمن الشهادات والأحكام والتوسط بين الناس وغير ذلك، أي ولو كان ميل الحق على قراباتكم، وقوله: {وبعهد الله} يحتمل أن يراد جميع ما عهده الله إلى عباده، ويحتمل أن يراد به جميع ذلك مع جميع ما انعقد بين إنسانين وأضاف ذلك العهد إلى الله من حيث قد أمر بحفظه والوفاء به، وقوله: {لعلكم} ترجٍّ بحسبنا وقرأ ابن كثر وأبو عمرو {تذّكّرون} بتشديد الذال والكاف جميعًا وكذلك يذّكّرون ويذكّر الإنسان وما جرى من ذلك مشددًا كله، وقرأ نافع وعاصم في رواية أبي بكر وابن عامر كل ذلك بالتشديد إلا قوله: {أو لا يذكر الإنسان} [مريم: 67] فإنهم خففوها، وروى أبان وحفص عن عاصم {تذَكرون} خفيفة الذال في كل القرآن.
وقرأ حمزة والكسائي {تذكرون} بتخفيف الذال إذا كان الفعل بالتاء، وإذا كان بالياء قرأه بالتشديد، وقرأ حمزة وحده في سورة الفرقان {لمن أراد أن يذْكر} [الآية: 62] بسكون الذال وتخفيف الكاف، وقرأ ذلك الكسائي بتشديدهما وفتحهما. اهـ.